أبا عبد الرحمن ... ذكراك باقية .
أبا عبد الرحمن لم أستوعب بعد أنك مُتَّ ،
و أنه قد مرَّ على موتك أكثر من أسبوعين ،
لذا فإنني سأخاطبك و كأنك مازلتَ حيّاً ، 
أتذكّرُ أيامي الجميلة معك ، فذكرياتي معك كثيرةٌ و كثيرة ، و لكنّي أذكّرك بذكرى تدلّ فعلاً على طيب معدنك ،
و صدق أخوّتك ...
ذكرى قديمة أيام الدراسة ، و ذكرى جديدة ، و كأنها نسخة مطابقة للقديمة ... هيَ ، هيَ ، و أنت ، أنتَ لم تتغيّرْ 
مهما فرّقتنا السنين ، و مهما باعَدَتْ بيننا المسافات ، 
فما هي يا تُرى ؟؟
إنها في التسعينات الهجرية ، في قريتنا ( العبالة ) كنتُ أجيءُ إلى بيتكم فأدخلَ من ( المصراع ) و من أسفل
 ( الدرج )  فأصيح .. عبد الله ... عبد الله ...
فتردَّ عليّ من داخل البيت : اطلعْ ... اطْلع ... !
فأطلعُ فوق ( الجَوْن ) و بعد قليل و إذا بك أنت و إخوانك " طالعين " ببرّاد الشاي و " كسرة الخبزة " 
و " الحنبص " و " الفصفص "  فنجلس ( نسولف ) و نشرب الشاي إلى المغرب ( ما أحلاها من جلسة ! ) 
و في يومٍ آخر توجِّهُ لي الدعوة أن آتي بعد العشاء ( للسهرة ) عندك في غرفتك الصغيرة بجوار ( الجَون )فنسهر على 
السوالف و سماع ( الرادي ) و المسجل و لعب الورَق ( الباصرة ) و برّاد يطلع ، و برّاد ينزل ...! 
ثمّ تأتي المفاجأة بإخوانك و هم طالعين بالعشاء ( رزّ أحمر ، و حميس ، و شطّة !! ) سوّته الوالدة رحمها الله ،
فــ ( نتخارّش ) على أكله إلى آخره ! بل ( نطيّب ) حتى الصحن من لذّته ، و كأنني واحدٌ منكم ...
 
و تمرّ السنين و يمضي شريطُ الذكريات و أحكي لكَ ذكرى جديدة في صيف عام  1426 هـ عندما قابلتك في 
الباحة بعدَ العصر ، و قلتَ حينها ( وصّلْ ) أهلك و تجيني في بيتي في ( صفح الحصن ) ، و فعلاً أتيتك و إذا بك 
جالساً أمام الباب و أمامك ( سفرة ) عليها الشاي و القهوة و ( خبزة  الملّة ) و المكسّرات و الفاكهة فأجلس معك 
نشرب و نأكل و نسولف و نتذكّر الذكريات القديمة ، فنأخذها من أيام الدراسة و نركّز على ( ساردين أحمر 
طويل ) و  مسفر أَسْ أَسْ ( قسقس) انفرش اليوم  " حتنفَرَشْ إنتَ " !! 
ثم إلى نجران و ما أدراك ما نجران ؟؟ و ركّزنا على القَلَويّات و سعيد الزّناتي   ،  و ( ليش ؟ ) .
و تمرّ هذه الجلسة الجميلة حتى صلاة العشاء ، فنصلي العشاء ، و عندها هممتُ بالذهاب فقلتَ لي : اجلسْ ...
و بعدَ قليل إذا بابنك عبد الرحمن يقول : تفضلوا    ،  فدخلنا إلى ( الصالة ) فإذا بالعشاء ( رز ، و لحم محمّر ، 
و شطّة !! و فاكهة ) سوّته أم عبد الرحمن ، فأكلناه إلى آخره من طعمه اللذيذ ! 
يا سبحان الله ! 
و كأنّ التاريخَ يعيد نفسه بين الذكرى القديمة و الذكرى الجديدة ...!
إخواني و أخواتي أعضاء منتدى ساحات وادي العلي ماذا سأقول ؟؟
و ماذا سأكتب ؟؟ عن أبي عبد الرحمن ، و ماذا ستردّون على ما كتبته عنه ؟؟
أما أنا فأقول : رحمك الله أبا عبد الرحمن ... رحمةً واسعة ، و أسكنك فسيحَ جنّاته .
لقد فقدناك .. فقدناك .. فقدناك .. 
و لنْ ننساك من الذكرى و الدعاء إن شاء الله ..
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ...