,’
.. بقية القصة ..
سألته عن الأماكن اللتي أحصل على الصور منها فقال لي هي بالشارع تحت هذا المبنى فنزلت مسرعا
الى الشارع ورأيت عنواناً لاحدى الدكاكين المجاورة لمبنى الجوازات ومكتوب عليه " استديو الحجاز "
فأقبلت عليه ووجدت رجلاً وبجانبه أحد العمال ويبدو أنه يعمل معه بالاستوديو , وطلبت منه أن يصورني
لأقدمها للجوازات للحصول على حفيظة وأجابني بحاضر ..
أنت من أي الديار فقلت له : أنا من غامد .. فقال : من أي غامد ..؟ قلت له : من بني ظبيان من وادي العلي
فقال لي مرحبا بك , يالنفاش , تعجبت من كلامه وأصابني التلعثم حيث كنت أعتبر ذلك كبيره من الكبائر .
فقلت له : وأنت من أي غامد ..؟ قال لي : لن اخبرك ..! سألته بالله تعالى فقال لي : أنا من بشير , وهذا المحل
يتبع لواحد منكم من بني ظبيان اسمه المحجم . قلت له : المحجم من جماعتنا من رحبان وأعرفه . فقال : هذا محجم
الخويتم . وطبعا أخذنا بالكلام والأسئلة عن الديرة والأمطار ومتى وصلت الى الرياض بإختصار ..
تصورت بذلك الأستوديو وعدني أن اراجعه بعد يومين للحصول على الصور وطبعا قدمت معروضي لمدير الجوازات
في تلك اليومين بعد استشارة سعد بن قاز وكان مدير الجوازات بالرياض يدعى بن ضاوي رجل خلوق أديب
ترتاح له نفسك غير مستكبر يتسم بالتواضع قام بالشرح على معروضي للجهة المسؤولة بتلك الدائرة ذهبت اليها
وولموظف المسؤول لإجراءات الحفيظة وقد طلب مني احضار الشهود ومن ثّم احالتي الى عمدة المرقب زودني
بنموذج يعبأ من قبل العمدة لأثبات سعوديتي .
ذهبت الى عمدة المرقب وطلبت منه أن يوقع الورقة وسألني أنت من السعودية ؟ ومن أي القبائل ؟
قلت له : انا من غامد فقال لي أغرب عن وجهي أنتم زيود ! ولم أعرف وقتها معنى الزيود ؟
كنت أسمع أنهم اليمنة ..!
فقدمت له مبلغ 5 ريال للموافقة والتوقيع .. وذلك من قيمة الجبة اللتي بعتها , حسبما أفادني به أحد المراجعين
للعمده لتقديم ذلك المبلغ .
ولكنه أصر وطلب مني الذهاب عن خلقته .
لم أستسلم له لكن كانت تنقصني الخبرة في التعامل مع هكذا مواضيع وهي احضار معرفين لي لكن من أين لي ياحسرة ؟
فمعرفتي بالغمد وفي الرياض قليلة !
فعدت الى الجوازات وطبعا كعابي .. إذ تزيد المسافةعن أكثر من 7 كيلو مترات وقد راجعت الأخ سعد قاز وأفهمته
بما حصل لي مع العمدة , فأرشدني الى مقابلة مدير الجوازات ابن ضاوي !
واعلامه بما حصل معي ..
راجعت المدير ذلك الوجه البشوش رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته سألني هل أحضرت ورقة العمده ؟
فشرحت له ماحصل لي معه .. فقال : وبعد وبعد وبعد أعطيته 5 ريال ورفض يوقع فقلت : نعم
ضحك الرجل ملء شدقيه واهتز كرسيه من شدة الضحك وقال لي طيب أنت من وين من غامد ؟ ومن أي قبيلة ؟
أجبته : إنني من بني ظبيان من وادي العلي .. سألني : ومن هو شيخكم يابني ظبيان ؟ فقلت له هو سعيد بن صقر
وكذلك سعد بن قاز الذي يعمل تحت ادارتكم هو من قبيلتي بني ظبيان ويعرفني ..
فأخذ الرجل رحمه الله تعالى معروضي وشرح عليه وقال : أعتبرني أنا شيخكم وعمدتكم ومعرفك يا ابني !
اذهب لإكمال اجراءات الحفيظة . وعد اليّ اذا وجدت صعوبة ..
فأكبرت للرجل وقفته الانسانية والوطنية وعطفه علي وذهبت وأكملت اجراءات الحفيظه .
طبعا تم الكشف علي عن طريق طبيب مصري بمستشفى الشميسي بالرياض لتقدير سني وقام ذلك الطبيب
بتقدير سني 18 عاما بعدما شرحت له أنني أرغب بالعمل فرحمه الله إن كان حيا أو ميتاً .
هذا الموقف حصل قبل أكثر من 53 سنة أما عم بن ضاوي رحمه الله فكان يعمل بإمارة الضفير قبل ذلك بسنين !
ويعرف المنطقة ومشايخها ولذلك وذق في صدقي وجرأتي .
وأنهيت الحفيظة وعدت بها الى فندق النصر الى مديره نصرة فرعون .. قابلت الرجل وصمت قليلا وقال : يا ابني
أنت تحتاج الى رخصة عمل وهي تحصل من بلدية الرياض فالفندق لايعمل به الا من لديه رخصة عمل , فأصابني
قوله بالاحباط ولاحول ولاقوة الا بالله .. سألته : أين البلدية ؟ فقال في أسفل شارع البطحاء مما يلي حلة العبيد .
بإختصار وصلت البلدية وسألت عن تقديم الطلب بغرض الحصول على رخصة وتم ذلك أي الحصول على رخصة
في أقل من ساعة ذلك أنه يوجد لدي صور شمسية من بقايا صور الحفيظة وقمت بدفع مبلغ 20 ريال قيمة الرخصة
وحصلت عليها ولازلت أحتفظ بها حتى الآن .
ثم ذهبت الى مدير الفندق وقدمت له الرخصة والحفيظة نظر اليّ وأوما بالموافقه .
ولكنه اشترط أن يختبرني في العمل .. وهو تنظيف الدرج بالفندق وتمسيحه يومياً ..!
وافقت بكل ترحيب وقمت خلال الإختبار وهي يومين بالخدمة بكل قوةْ وإخلاص .
بعد اليومين طلبني الموافقة على العمل لكنه اشترط عليّ أن أشتري بنطلوناً وقميصاً للبسها بالفندق
حسب مايرتديه عماله وحسب متطلبات الخدمة ذلك أن الثوب لايتناسب مع خدمة الفندق وأقسم أنه ولأول مره
في حياتي أعرف البنطلون والقميص ومع ذلك نزلت الى سوق القيصريه بالبطحاء وهو جوار الفندق وسألت
عن البنطلون والقميص بالحراج وهو حراج خردة للملابس والفرش ووجدت بدله عسكرية من مخلفات الجنود والحروب مع جزمتها أكرمكم الله , وقمت بشرائها بمبلغ 4 ريال وهو المبلغ الذي بقي لديّ من قيمة الجبّة !
ولا أملك غيره أخذت الملبوسات وذهبت الى قهوة الزهراني بالغرابي وارتديت تلك البدلة العسكرية بالكامل
بما فيها البريهة لكنها كانت طويلة وقمت بثني البنطلون التابع للبدلة وكذلك أكمام القميص ثم ذهبت الى الفندق
مرتدياً ذلك الزي العسكري العجيب .
وقابلت المدير والعاملون بالفندق مما أثار دهشتهم وأيضا دهشة عملاء الفندق وكان الفندق لايسكنه الا أساتذة
جامعة الملك سعود والضباط أو المسؤلون الكبار من الحكومة .
حيث سعر السرير 10 ريال بالليلة !
والغرفة بسريرين بـ 20 ريال ... نظر الي هؤلاء القوم نظرة الاستفسار والتعجب من هذا الشاب العجيب
وفي تلك اللحظة طرحن سؤال لنفسي لماذا ينظرون الي هؤلاء هكذا لكن لم يكن يهمني نظراتهم بقدر اهتمامي
بقبولي بالعمل طلب مني صاحب الفندق أن اعمل مع الطباخ .. وهو فلسطيني الجنسية شايب وقد ارتحت له لكن
لم أرتاح من لباسي الذي لايوحي للزبائن بالقبول وكذلك مسؤلي الفندق ومع ذلك فقد تم قبولي بالمطبخ وعملت فيه
مايقرب من 17 يوما للمساعدة في الطبخ الذي لا أعرفه وغسيل الصحون والقدور واواني الشاي والقهوة التركيه
كان مسؤولا عن الفندق ايضا رجل من عدن لباسه في منتهى الأناقة والشياكة ويملك ساعة ذهبية وسلسة بيده اليمنى
بين الكف والساعد وكانت هذه من اصول الاناقة حسب ماجاء بها من عدن ذلك أن الاستعمار البريطاني يسيطر على
عدن وفرض تقاليدا على رجالات عدن .
وكان تقليدا لذلك الرجل من الاستعمار البريطاني .
كان العدني يقسو علي في العمل ويرسلني لتوصيل الطلبات ويعاملني بجلافة إذ كنت السعودي الوحيد الذي يعمل في هذا الفندق .
لكن كنت صابرا وكما أشرت في احدى قصائدي " انا صابر "
وفي يوم من الايام بعدما مر أكثر من عشرون يوم علي بهذا الفندق استدعاني صاحبه وهو نصرة فرعون وقال :
يا ابني أنت لاتصلح تعمل فراشا وشكلك يوحي أن لك مستقبل وانك من عايلة طيبة فلماذا لاتدرس وتتعلم ؟
أفضل لك من هذه الخدمة ؟
فقلت له : ياعم انا متعلم ولدي الشهادة الابتدائية فقال .. شو هالحكي ؟ أجبته : أقول لك الحقيقة .
فناولني ورقة وطلب مني الكتابة عليها فكتبت على الورقة كانت كتابتي جيدة ثم طلب مني في موضوع الحساب
أن اجمع واطرح واضرب في العمليات الحسابية فكنت مبدع فتعجب من ذلك وقال ..: سأسلمك هذا المكتب
وهو مكتب الاستقبال بدلا من العدني .
وفي اليوم الثاني أعطاني 20 ريال وطلب مني أن أنزل الى السوق واشتري بنطلونا وقميصا مناسبا وكذلك حذاء
وكنت قد تعلمت قليلا مبادئ الأناقة وحصلت على البنطلون والقميص والحذاء وارتديتها بالفندق وبعد ذلك قام
صاحب الفندق باستدعاء العدني وطلب منه تسليم المكتب لي وأن أكون انا مسؤلا عن الفندق ..!
والعدني وبقية منسوبي الفندق تحت أمرتي رفض العدني ذلك ولكن بعدما اكتشف حقيقتي وتعليمي أنصاع لاوامري
ثم طلب الفصل من صاحب الفندق وترك الفندق ..!
.. ملاحظة ..
نكمل مره أخرى !!