يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 04-27-2009, 08:14 PM   رقم المشاركة : 1
بخيت ٌ بخيت الحظ


 




{ بخيتٌ - بخيتُ الحظِّ }

هبّ سالم مذعوراً من نومه بعد منتصف ليلة باردة على إثر رؤيا مزعجة رآها في منامه ، فرك عينيه وطالع ساعته التي تضئ أرقامها والمشتهرة في ذلك الوقت من نوع ( أم صليب ) الألمانية الصنع فوجدها تشير إلى تمام الثانية فجرا استعاذ بالله من شر رؤياه وتمطط في فراشه ثم تحول على جنبه الآخر محاولا النوم من جديد فالوقت ما يزال مبكرا على التوجه إلى الوادي لمقابلة ( عصيبه ) حامد لإتمام ( فتاق ) بعض المزارع لكنّ شبح الرؤيا المزعجة لم يدعه يغمض جفنيه مرة أخرى .
تلمس طريقه في ( العليِّة ) وسط ظلام دامس باتجاه الباب خوفاً من أن تحس به زوجته ( حليمة ) أو تطأ قدماه أحد فلذتي كبده ( بخيت وشريفة ) وخرج إلى سُدَّة البيت .

رفع رأسه إلى ألسماء وقلَّبَ نظره في النجوم وذكر الله في نفسه ما شاء الله أن يذكره ثم عاد أدراجه إلى مخدعه .
سالم ، ماذا بك ؟ سألته حليمة .
أنت صاحية ؟ لا شئ ، أضاف : الوقت لازال مبكرا عودي إلى نومكً .
أرادت حليمة أن تضع يدها على جبين زوجها لتشعره بحنانها ولتتفحص مدى ارتفاع درجة حرارته التي كان يشكو منها نتيجة الحمّى التي لازمته في الأيام الأخيرة إلا أن يدها بفعل الظلام لامست عن غير قصد برد خدِّه المبلل بالدموع ، فإستوت جالسة ، وألحَّت عليه .....
ما بك يا سالم ؟ أخبرني !
تهرّب سالم من إجابتها في البداية لكنه عاد وأطلعها على جزء من الرؤيا التي أقضَّت مضجعه .

انزعجت حليمة من رؤيا زوجها فكتمت ذلك عنه ولم تبد له قلقها ، وأشارت عليه بأن يتوضأ ويصلي ركعتين ويعود إلى فِراشه .
عمل سالم بنصيحة حليمة وبعد قضاء صلاته حاول النوم مرّة أخرى إلا أن ارتفاع صوت صياح الديك أشعره بأن الإذن ببزوغ فجر جديد قد اقترب وأن عليه أن ( يعلف ) ثوره ومشدوده قبل أن يوقض ابنه وابنته لأداء صلاة الفجر ومن ثمّ يرافقانه إلى الوادي .
دخل سالم إلى ( السِّفل ) وفي يده فانوس صغير ولم يكد يخطو خطوتين حتى أحس بشئ حادّ يشرخ ظاهر قدمه اليسرى وبعد تفحٌّصِِِِه اتضح بأنه قطعة حديد مغروسة في ألأرض ظهر جزأها ألأعلى على السطح وقد تآكل من أثر ألصدأ .
لم يعر سالم تلك الحديدة أدنى اهتمامه في حينها فهو متعود على أكبر من ذلك في حياته وجال بخاطره أن مضغ قليل من ( العثْْْْْْْْرب ) وهو في طريقه إلى الوادي ووضعه كما هي العادة على الجرح سيحل المشكلة .
وصل وأبناؤه إلى مقر العمل وانزل من على المشدود ( السحب والمقرنة ) وسارع معهما إلى ( تبشير ) ( الركيبة ) قبل أن يصل عصيبه حامد ونسي قدمه والعثرب وجرحه النّازف .
ارتفع قرص الشمس وبدأت حرارة أشعتها تتسلل إلى الوادي وسالم منهمك في عمله ومع ذلك لم تكن لتغفل عيناه عن مراقبة الطريق مخافة أن تصل حليمة ( بالفأل ) دون أن يدري فتلاحظ آثارالتعب بادية عليه .
وصلت حليمة ووضعت مكتلها من على رأسها في ظل شجرة المشمش القابعة في ( سند ) الركيب وأخذت ( اللّومة )عن زوجها ليتمكن مع عصيبه من تناول طعام الإفطار ومن خلال اختلاسها النظر بين الفينة والأخرى إلى ملامح وجهه أدركت أن الإعياء باد عليه رغم محاولته الجادّةً إخفاء ذلك عنها .

حليمة ! نادى بصوت جهوري حامد
نعم يا أبو صالح ، ردت حليمة
حامد : أبو بخيت ماهو عاجبني اليوم !
ليش يا أبو صالح ؟
قطع سقوط سالم على ألأرض الحديث ،( فأطلقا العِداد ) وحملاه على المشدود وقاد بخيت الحمارة متوجها بأبيه إلى المنزل .
صادفهم قبل وصولهم إلى البيت ناصر أخو سالم الأكبر فٍسألهم ماذا بكم ؟ فأخبروه بأن أخيه عاودته الحمّى وهذا كلما في الأمر .
تدهورت حالة سالم الصحية مع مرور الأيام وزوجته تتنقل من قرية إلى أخرى ومن فقيه إلى فقيه للبحث له عن علاج و كثر( المحو ) و ( التذريع ) وقصّ القصيل وعبارات ( إرمي بهذا الجزء في النار مع شويّة ملح ، وهذا الجزء حطيّه في الماء وروشي به زوجك ) وازدادت عليها النصائح وتعددت من حولها الآراء فمن قائل ( كشة حنش ) وآخر يقول ( عين ما صلّت ع النبي ) وثالث يجزم بأن سبب المرض ( مَرزا ) ورابع يقترح كيّ المريض بالنار ، والمسكينة ترددً في خلجاتها ( إش ينفع الكى برّا والوجع جوّه ) دون أن تنبس ببنت شفة وقد إستقر بداخلها أن ما تشاهده أمامها ليس إلا تأويلا لرؤيا زوجها المشؤمة وأن نهايته المنتظرة باتت قريبة .
ِ انقضت ثلاثة أشهر وسالم في فراشه بين الحياة والموت تأخذه الإغفاءة أكثر من الإفاقة وظهر بعض التصلب في أطراف أصابع رجليه ويديه ، وجاء والد حليمة وأخوها لزيارته من ديارهم التى تبعد عن قرية سالم يوما ونصف اليوم ( بالدابّة ) وبعد مشاهدة حالته قررا مع أخيه ناصر ضرورة السفر به إلى مكة للعلاج .
ولولت حليمة وصاحت وسكبت الدموع طالبة منهم ترك زوجها لقدره فإما عاش وهذا ما ترجوه أو واجه قدره فيكون موته بين أبنائه وفي قريته إلا أن توسلاتها لم تجد معهم نفعاً .


نواصل في الحلقة القادمة بإذن الله سرد بقية الأحداث

معاني الكلمات :
عصيبه : يقال فلان عصيب فلان إذا كان مع كل منهما ثورواتفقا على أن يشتركا في حرث مزارع بعضهما البعض وكذا درس أو ( دياس ) المحصول من دون مقابل
فتاق : حرث الارض قبل زراعتها بفترة من الزمن لتتعرض لعوامل التعرية قبل بذر الحبوب فيها وإعادة حرثها من جديد .
العلِّية : المهجع الذي ينام فيه الرجل وزوجته او مايطلق عليه بلغة العصر ( غرفة النوم )
سدّة البيت : سقف أو طرقة توضع قبل مدخل الدور الثاني من البيت شبيهة بما يقال له الآن البلكونة
يعلف : يقدم العلف ( التبن ) للماشية .
السفل : الدور الأرضي من البيت ويستخدم جزء منه في العادة لخزن ( الأعلاف ) والجزء الآخر لسكن الدواب ( الثور والبقرة والحمار والجمل ) .
العثرب : نبتة بيئية تشتهر بها منطقة الباحة وغالبا ما يكون وجودها في أطراف الأراضي الزراعية .
السحب : المحراث وله اكثر من إسم من بينها ( اللومة ) .
المقرنة : اداة مصنوعة من الخشب تربط على رقبتي ثورين ويتصل بها السحب أو المحراث .
تبشير الركيبة : تنظيفها من الحجارة سواء اكانت الحجارة صغيرة ام كبيرة ، والركيب أو الركيبة إسمان لمسمى واحد وهو الأرض الزراعية .
الفأل : وجبة الإفطار .
سند الركيب : آخره مما يلي الجدار .
اطلقا العداد : اوقفا العمل تماما وإصطحبا كلما احضراه إلى البيت و ( العداد ) إسم يطلق على الأدوات المستخدمة سواء في الحراثة أو في الري وإن كانت في الري او ( السوق ) أشهر منها في الحراثة وتشمل ( القتب ، والمقرنة ، والسحب ،والمدمسة ، والمحالة ، والدراجة ، والرشا ، والمقاط ، والغرب , والسهمان ، وخلافها ) .
المحو : جمع محوة وهي أشبه ما تكون بالرقية أو القراءة والنفث في الماء .
التذريع : كان بعض المعالجين المحليين او ما يسمون بالفقهاء لهم طريقة عجيبة في العلاج إذ يطلبون من المريض إحضار ( قصيلة ) وهي عبارة عن عود يابس من أعواد الذرة ويقومون بقص ذراع من اعلاها وذراع من اسفلها وما تبقى من وسطها يقسمونه قسمين بعد تقشيره وقراءة بعض التمائم عليه ويعطونه للمريض طالبين منه رمي أحد الجزأين في النار مع قليل من الملح لطرد الشياطين والجزء الآخر يوضع في الماء ويتم الإستحمام به .
كشة حنش : صوت يطلقه الثعبان عند الإقتراب منه ، وتطلقه الحرباء أيضا وكذلك انواع أخرى من الزواحف كنوع من انواع الدفاع عن النفس .
مرزا : مصطلح يطلق على من لم يعرف سبب مرضه وغالبا ما يطلق على من تلبَّسه الجان فيقال فلان معه مرزا أي ( معه جنِّي ) .

 

 

   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:40 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir