يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحات الموروث والشعر والأدب > ساحة الموروث وشعر المنطقة الجنوبية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-02-2010, 06:58 PM   رقم المشاركة : 1
يا عطــر يافــن يا وارد عـدن


 

أبو جعيدي ذلك الصوت الذي يسكننا في كل نص نقرؤه له ، ولا يكاد يفارقنا صوته المعبر في كثير من الأوقات ، وفي كثير من الخلوات ، يطرق مسامعنا صوته بأوتاره الشجية الحزينة الممتلئة ببواعث ولوا عج الحرمان ، فتخترق أنسجة مشاعرنا من كل حدب وصوب ، لتؤكد مقدرته وتفرده على إبراز مدى توغل الألم و الحزن في نفسه ، وسيطرته على مشاعره .
ويوضح قدرته الفذة على الإسماع ، انطلاقا من قدرته على الإنصات ، والاستماع لأصوات الحزن والألم ، ودندنته القادمة مع الريح ، وهدير الذكريات ، وصراخ الوحدة وتشـنجات البعاد ، و تسابيح العصافير وهي تعود لأوكارها كل مساء .

أبو جعيدي ..... يَســمَع ويُسـمِع بكلمات لها معاني تجعلك تعيش الحدث لحظة بلحظة ، فتنتابك ما انتاب صاحبه من ضعف بشري ، وما اجتاحه من حنين جارف ومشاعر فياضة .....

وكم هي نادرة جدا تلك القصائد العاطرة الهامسة الفواحة ، وكم هو نادر أن تجدها في ديوان الجنوب ، ليس لأن أهلها جفاه ،أو غلاظ أفئدة ، بل العكس ، فهم ارق الناس أفئدة ، ولكن لعل شـظف العيش قد حال دون تكاثر هذا النوع من القصائد في شعر الجنوب ، إذ بالكاد نجد بيتاً هنا أو أخر هناك يختلسه الشاعر اختلاساً ضمن إحدى قصائده ، أما أن تجد قصيدة بأكملها كباقة ورد يفوح منها شذا العطر والوفاء ليملأ المكان بعبق رائحته وزاكي أنفاسه ، فهذا قليل بل كما أسلفت في حكم النادر.

ويخرج محمد بن معيض أبو جعيدي( الأعمى ) كاستثناء يتمرد على تلك القاعدة فيصوغ من كلماته عطر فواح ينتشر متمردا على من حوله بصرخات وخلجات شعورية تخترق حجـب القلوب وحجب الصمت والظلام والبعاد والنوى ، وخاصة عندما يرسل خلجاته وقد مزجها بأنفاس حرى تدخل كل القلوب و تصل إلى كل الأسماع إلا فؤاد وسمع محبو بته التي طواها الردى ووارها الثرى .

وبافتتاحية لا مثيل لها أبداً ، افتتاحية تحمل أنفاس الربي المعطرة والتي تتبعها - في غير تناقض ولا تضاد - أنفاس متوقدة حــرّى لم تذق للنوم طعما ، بل لقد أصبح أمنية صعبة المنال ، ذلك لأن مصدرها حب استقر في سـويداء قلب مكلوم ، قد فقد أعز الناس وأغلاهم ، فلم يعد لديه ما يملكه ليقدمه لحبيبته سوى نجوى فؤاد برأه الشوق وأنهكه البعاد وضاقت به الوسيعة ولا أمل له في لقاء ولا حتى نظرة عن بعد فقد طواها هادم اللذات ومفرق الجماعات وألقاها جسدا هامدا تحت الثرى وترك صاحبها يجتر الذكريات ببعض كلمات

يا عطر ، يا فن ، يا وارد عدن ، يا بهج روح
ياليت من كان له في العطر وقت المســا ريح
يرقـد و يهـنا منام الليـل و إن عاش و إن مات
أستغفر الله إذا إني كنت ظلام روحي
قارورته بالف من سوق الندى يا س ما ارقد
لو كان يلتفوا العربان ما رقدوني


ابو جعيدي هاهو في قصيدته ذات الأبيات الستة ، يسبكها ثم يسكبها في زجاجة عطر ويعتني بجوهرها الموسيقي الداخلي أيمــا اعتناء كما اعتنى واهتم بشكلها الخارجي ثم هاهو ينتقي لاستهلال قصيدته ( النـداء ) ويكرره أربع مرات متتالية متتابعة في البيت الأول وحده .

ياعطر ،

يا فن ،

يا وارد عدن ،

يا بهج روح

ثم يعود مع مطلع البيت الثاني ليواصل النداء أيضاً ولكن بعد أن يمزجه بالتمني

ياليت

ليأتي النداء والتمني في لفظ واحد مختصر وقصير جدا ، ليخفي فيه رغم قصر اللفظ عجزه واستحالة تلقي الجواب

تأمل في مطلع القصيدة ، ومطلع البيت الثاني لترى بكل أحاسيسك ومشاعرك صدى الآهات ، وهي تتفجر بركان إثر أخر لتخرج إلى الفسيحة فينقلها الأثير حتى تردد الشعاب والجبال صداها ، وقد عبأها بموسيقى أحرف سبعة تمازجت وتكررت بشكل غير عادي وكان خطها البياني على النحو التالي
.
الألف تكرر ( 34 ) مره ولأنه حرف الآه والألم فقد كانت كثرة مرات تكراره مناسبة لحالة حزنه المؤلمة
النون تكرر 15 مرة ولأنه يشبه القارب التائه فقد استخدمه الشاعر كما الملاح التائه
الراء= 13
الياء = 13
الواو = 12
اللام=12
الميم =8

وهذه الأحرف في مجملها تتناسب بشكل أو آخر لحالة البين والحزن التي انتابت الشاعر وهو يعرض علينا تجربته المحزنة الأليمة .

يا أبا جعيدي - عليك شــأبيب الرحمة والغفران والرضوان - أي سد هذا الذي كان يحجب كل هذه المشاعر المتفجرة وراءه ..؟؟
أي صــدر لم يمزقه الأسى والحزن وهو يناجي حبيبته البعيدة بأحاديث هامسة ، وصارخة ،عاجلة وآنية وكأن من يناجيه يصغي إليه باهتمام شديد .

كيف سيطرت عليها وأحكمت قيادتها فلم تحطم ولم تكتسح كل شئ أمامها ..؟؟

وهل هذه أدوات نداء أم صدى الآهات الحرى ..؟؟

هل هذا حزن أم صور من الأسى والآلام ..؟؟ وجدت طريقا نحو المحبوب فنادته نداء اليائس البائس ، فكان تكرار النداء هو العنوان ، وهو الصراخ بلا عنوان

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 10-02-2010, 08:30 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية محمد سعد دوبح
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد سعد دوبح is on a distinguished road


 

يا عطر ، يا فن ، يا وارد عدن ، يا بهج روح
ياليت من كان له في العطر وقت المســا ريح
يرقـد و يهـنا منام الليـل و إن عاش و إن مات
أستغفر الله إذا إني كنت ظلام روحي
قارورته بالف من سوق الندى يا س ما ارقد
لو كان يلتفوا العربان ما رقدوني


الاستاذ سعيد قصه وقصيده رائعه استمدت روعتها كونك انت المربي الفاضل من قام بطرحها
فلك مني الشكر والتقديرسلمت وسلم فكرك المتالق تقبل مروري ودمت بصحة وسلامه 0

 

 
























التوقيع

اللهم اغفرلي ولوالدي

   

رد مع اقتباس
قديم 10-03-2010, 12:53 AM   رقم المشاركة : 3

 


أبو عادل
والله لا أجد من الكلمات ما يرقى لمستوى هذا الطرح الراقي
وأي كلمة أضيفها أجدها تشوه ما سطرته أناملك
إنما أقول بارك الله فيك وفيما كتبت ونفع بك وبعلمك
لا عدمناك نفخر بك وبقلمك وبتواجدك بيننا

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 10-03-2010, 01:12 AM   رقم المشاركة : 4

 

هذا غيض من فيض عن ذائقة ابو جعيدي وصوته الشجي وقصائده الفكاهية المرحة

لكن هذه تأتي بشكل أخر يورد اللم ويبعث الأسى في قلوبنا ونحن نعيش مع ابو جعيدى هذه القصيدة وهو ينادي اربع مرات ويصفها بتلك الوصوف ..
والأجمل ما كتبته أنت عنها في هذه العجالة التي جعلتنا نئن مع الشاعر ونتذكر أيام الصبا ..

شكراً لك

 

 
























التوقيع

مدّيت له قلبي وروّح وخلاه
الظاهر إنه ماعرف وش عطيته

   

رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 06:07 AM   رقم المشاركة : 5

 

من وجهة نظري المتواضعة ان ابو جعيدي ظاهرة لم تتكرر فقد قهر الظلام وبز منافسيه ولا يزال شعره على الالسن وبه تضرب الامثلة .
بارك الله في جهودك يا ابا عادل وزادك من فضله .

 

 
























التوقيع



سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

   

رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 06:30 AM   رقم المشاركة : 6

 


إبداع يا أبو عادل

أنت دائماً تنتقي لنا الإبداع والتميز هنا و هناك و حيثما تكون

فلك مني تحية وتقدير بحجم محبتك في قلبي

دمت ودام لنا هذا العطاء .

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 06:53 PM   رقم المشاركة : 7

 

جميلٌ ما سُطّر هنا ، قرأته يا أبا عادل أكثر من مرّة ، حفظت القصيدة وازددتُ بالنقد علما وثقافة ، وتذكرتُ لامية المتنبي في سيف الدولة تلك اللامية التي عدّها طه حسين آية المتنبي في سيف الدولة ، فقد بدأها المتنبي حزينا شاحبا كئيبا على غير عادته ولم يكن مصدر ذلك الحزن إلا فقده لزوجته في تلك الفترة ولا أدري لماذا هذه القصيدة بالذات دون غيرها كأني شعرت بتوافق داخلي بين المتنبي في هذه الرثائية وبين أبي جعيدي .
يقول المتنبي :
لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ .... طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ
يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ .... وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ
وَمَاعِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً .... وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ
وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا .....وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ
إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ ..... فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ
وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً .... لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ
أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا .... لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ
ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي .... فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ

زدنا زادك الله من فضله

 

 
























التوقيع



لا علاقة لي بمعرّف أحمد بن قسقس في الملتقى لأهالي وادي العلي

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:30 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir