نقلاً عن جريدة اليوم
لهذا اليوم الجمعه 11/7/1433
الباحة.. الأمير والأهـالي ومنتدى الاستثمـار
د. سعيد أبو عالي
الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة، يتناقل أهل الباحة وزوارها والمقيمون فيها أحاديث جميلة عن تواضعه وعن حُبه للناس وللمنطقة. سموه تولى شؤون منطقة الباحة في رمضان عام 1431هـ، ولخّص مهمته في العناية بالباحة (الإنسان والمكان).
وقد أوفى بوعده فهو يواصل الليل بالنهار دراسة وتخطيطًا وتنفيذًا.. فقد أسس جائزة الباحة بمنطلقات وأساليب جديدة عمّا سبقها من جوائز. وأنشأ (منتدى الباحة الاستثماري) الذي بدأ باكورة أعماله يوم الاثنين 23 جمادى الآخرة عام 1433هـ. الأمير مشاري قليل الكلام كثير الأفعال، ولعلَّ الكرسي الجامعي الذي أنشأه بجامعة الباحة لدعم الشباب خير مثال على ما أقول.
اشتهر أهل الباحة منذ القدم بالسفر والحركة طلبًا للرزق حتى أصبح السفر لديهم يمثل قيمةً اجتماعية.. فقد هاجروا إلى شمال الجزيرة العربية ثم عبروا إلى أفريقيا خاصة بلاد المغرب العربي.
والرحلة الظافرة كانت للقاء نبي الإسلام «صلى الله عليه وسلم» حيث أعلنوا إسلامهم وأخذوا عنه ومنه ما ينفعهم في الدنيا والآخرة. الطفيل بن عامر الدوسي الأزدي وضماد الأزدي وأبو ظبيان الأعرج الغامدي الأزدي كانوا في مقدّمة أقوامهم الذين وفدوا على نبي الهدى. وصل أبو هريرة الدوسي إلى المدينة ونذر نفسه لصحبة المصطفى ورواية أحاديثه.
شاركوا في كثير من غزواته (عليه الصلاة والسلام).. وانضموا إلى أبي بكر (رضي الله عنه) محاربين لأهل الردة ثم بعد ذلك انخرطوا في جيوش المسلمين دعاة فاتحين في شتى الأمصار التي وصلها الإسلام.. ولهم في القادسية واليرموك وغيرهما وقائع ومواقف لنصرة الإسلام والمسلمين.
وبينما كانت المنطقة تئن تحت وطأة الجهل وتعاني من الفُرقة والانقسام يتقاتلون من أجل مورد ماء أو قطعة مرعى لا تسمن ولا تغني من جوع، حتى ساد الخوف والرعب، سمعوا عن دعوة الإمام القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن سعود «يرحمه الله» الذي يدعو إلى الأمن والعدل ورفاه الإنسان فسارعوا لنصرته والانضواء تحت لوائه، وقد قابله بعض مشايخهم في سهل الرغامة بجدة وفي مكة المكرمة وفي الطايف وفي الرياض فأكرم وفادتهم وتبادل معهم الرسائل.
وأبناء الباحة اليوم ينتشرون في اصقاع البلاد للعمل وطلب العلم، فالعلم لهم جميعًا رأسمال ومكسب. تجدهم في الجامعات والمشافي ومراكز الأبحاث حتى أن الإحصاءات الرسمية أثبتت أن مجموعة كبيرة من براءات الاختراع للسعوديين قد حققها أبناء منطقة الباحة.
تقع الباحة بين منطقة مكة المكرمة شمالًا ومنطقة عسير جنوبًا ومطارها يربطها مع بقية مناطق المملكة. جبالها وسهولها وواحاتها تعطيها ثلاثة أحوال جوية في وقت واحد. أمطار وسحب في السراة، نسيم وخضرة في واحات العقيق، وشمس وأفق رحب في تهامة. فيها آثار قديمة عميقة الدلالات التاريخية.. اللوز والرمان والقمح أبرز منتجاتها.
منتدى الباحة الاستثماري ابتكار رائع وتنظيم دقيق ووعود بمشاريع جديدة وعلى هامش المنتدى ترسمت بجامعة الباحة ثلاثة كراسي علمية هي: كرسي دعم الشباب على نفقة الأمير مشاري بن عبدالعزيز، وكرسي للتدريب وتنمية الموارد البشرية يموّله رجل الأعمال سعد بن زومة الغامدي، وكرسي لدراسة الغابات والحياة الفطرية على حساب الأخوين الدكتور علي والدكتور سعيد الدرمحي.
** وهكذا هي منطقة الباحة تبتدع أنماطًا للبناء ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية الشاملة.