يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-02-2009, 12:18 AM   رقم المشاركة : 1
Thumbs up وقفة على أطلال قويزة ....و مدينتي الحبيبة جدة .....


 


بسم الله الرحمن الرحيم
للتاريخ والذكرى:
في يوم الأربعاء الموافق للثامن من شهر ذي الحجة لعام ألف وأربع مائة وثلاثين من الهجرة النبوية الموافق ( 25/11/2009).
في مدينتي الحبيبة جدة تلك المدينة الساحرة الفاتنة الجميلة , التي شهدت لقاء وسمر الناس على شاطئها الجميل , شهدت في بيوتها وحاراتاها الغنية أو المتواضعة لقاءات المفكرين وتناشد الشعراء و أسمار الندماء, تقف جبالها الشرقية تحمل ذكريات ليالي مفعمة بالحديث الشيق والكلام النافع .
كان الوقت صباحاً جميلاً كجمالها , وبهياً كشواطئها , بدا الطقس غائماً وكأنه يرحب بالحجاج ويمنع عنهم حرارة الشمس, سينطلقون لمنى لبدء مناسك الحج فهذا اليوم يوم التروية , الحافلات الكبيرة التي تنقل الحجاج متراصة في أغلب الشوارع.
لقد بدأت تظهر الإحرامات البيضاء وهي تزين الأماكن , وبدأت أصوات الملبين تنتشر بخشوع وسكينة في مواقف الحافلات وفي مواقف سيارات الأجرة بطريق مكة , سيبدأ الصعود للحافلات وسيفترق الجمع , وبدأ عناق الناس وابتساماتهم وضحكاتهم وحنينهم وهم يودعون الحجاج : ( بالله لا تنسونا من دعواتكم ) , يحمل الأب طفلته ويقبلها قبلة الوداع , وتضم الأم صغارها وتوصي كبيرهم بالعناية بهم, تتقدم طفلة صغيرة ذات خمس سنوات لوالدتها تطلب منها أن تحني رأسها لها , ثم تقول بصوت طفولي عذب: (لا تنسي هدية لي يا ماما من الحج ) , ولم يدري عشرات الحجاج أنها اللحظات الأخيرة لعدد من مودعيهم .
******************
في هذا اليوم الأربعاء هطلت أمطارٌ غزيرة من الساعة السابعة حتى صلاة الظهر , ست ساعات فقط كانت كافية لتكون الكارثة, وحسب إحصاء هيئة الأرصاد بلغت كمية الماء المتساقط( 72.5) ملم فقط.
كانت لحظات تاريخية لن ينساها سكان جدة , وبالذات شرقها وجنوبها ووسطها الذي يسكنه أغلب سكان المدينة التي يقارب عددهم الأربعة ملايين.
سحب السيل آلافاً مؤلفة من السيارات وقذف بها فوق بعض على بعد بضعة كيلو مترات , دهم السيل المنازل والطرقات كأنه وحش كاسر يبحث عن الضحايا من السيارات أو البشر, وتحطمت عشرات المنازل , وفوق كل ذلك مات المئات والعشرات , حتى أن ثلاجات الموتى في المستشفيات لم تعد تقبل الجثث , في لحظات انقطعت الطرق , وانقطعت خطوط الاتصال وانقطعت الكهرباء .
وتم إغلاق عدد من المستشفيات الرئيسة , فجزء كبير من مستشفى الحرس الوطني بجنوب جدة تم إخلاؤه, وتم إخلاء مستشفى كبير من أربعة أدوار يقال له ( مستشفى الدكتور عبد الرحمن بخش ) بحي قويزة بالكامل , وتم إخلاء أجزاء كبيرة من مستشفى الملك عبد العزيز بحي غليل , وإخلاء الدور الأرضي بالكامل من المستشفى الجامعي الكبير لجامعة الملك عبد العزيز .
كان هنا في شرق جدة حي جميل , وهو حي الصواعد, أصبح خبراً بعد أن كان أثراً فقد سقطت الأبنية , وتصدعت العمائر الكبيرة , واختفت معالم الطرق الفسيحة حتى لا يدري الإنسان كيف يسير .
وبجواره حي ( قويزة ) وهو حي كبير جداً , يحمل جميل الذكريات , ففيه المدارس المشهورة , والمساجد المعمورة , و الفلل الجميلة أو البيوت الشعبية , والمخططات المرتبة الغالية الثمن , وعشرات الآلاف من الناس تسكنه , لقد أصبح الحي بقايا حرب نووية هائلة , فالشاحنات الكبيرة ملقاة على قارعة الأزقة والطرقات , وعشرات السيارات فوق بعض كأنها في عرض متحفي , ولا يدري الناس كيف احتملها السيل بهذه القوة , رائحة الجثث تفوح من كل مكان , لا يدري الناس أهي للبشر الذين ينتشلونهم بالعشرات في كل لحظة , أم للحيوانات النافقة التي جرفها السيل , لكن الحي أصبح منتناً من كثرتها , لقد سدت مخارج الطرق , وحوصر الناس , وعلا الصراخ والعويل , وانقطعت الكهرباء وتلتها الاتصالات, وجرف السيل كل شيء في الشارع السيارات والحافلات والشاحنات و المحلات والمحطات وصرافات النقود الآلية, وأصبحت فرق الإنقاذ التي لم تصل إلا ليلاً مبهورة عاجزة , هل تبدأ من أول الحي أم من وسطه , هل تسعف هذا الشارع أم ذلك ؟, هل تنقذ هذه الأسرة أم تلك ؟.
وأما أحياء الحرازات حيث يسكن آلاف الناس, فيبدو الوضع للوهلة الأولى كأن إسرائيل شنت عليها حرباً ضروساً , فلا يدري الناس عن أحوال المدينة شيئاً لقد حوصروا تماً فلا ماء ولا كهرباء ولا اتصالات ولا تصلهم النجدة , لأنهم بعيدون عن النطاق العمراني , وقد تعرضت الطرق المؤدية إليه للتلف الكامل.
وإذا اتجهت لطريق مكة القديم فيا لله العجب ...فكم من جثة طفت فوق الماء لم ينتشلها أحد, وأما حي الجامعة وكوارثه فأصبح الناس يصورون الجثث باحترافية في التصوير كما يصور الناس غروب الشمس عند البحر .
حي أم الخير شرق الخط الدائري , وفي منطقة وادي أبرق الرغامة حيث الفلل الجميلة , ( التي كنت أحاول جاداً أن أسكن أنا وأطفالي المساكين في واحدة منها , لكنّ الله صرفها عنهم ), هنا ترى عشرات المصورين يقفون أعلى السدّ يصورون صراخ النساء والأطفال وهم يطلبون النجدة من على سطوح المنازل حيث غمر السيل المنزل بالكامل , هذه الفلل الجميلة بنيت أمام السد مباشرة وفي بطن الوادي , وتباهي الشركة أنها جعلتها تباهي بمواصفتها وتصريفها للسيول أرقى المواصفات العالمية , وبنيت بعناية ومهارة هندسية بالغة كما يقولون , والعجيب أن المخطط الملئ بعشرات الفلل بني برعاية وإشراف مسئول كبير سابق .
نفق مفتوح وطريق كبير بشارع ( ولي العهد) سابقاً أو ( الملك عبد الله ) حالياً , أمام عمائر الإسكان, هذا الطريق الفسيح الذي يعتبر شرياناً مهماً للحركة بمدينة جدة يستعرض به المسئولون أمام كاميرات التصوير على جمال بنائه ودقة هندسته وحسن تخطيطه , في لحظات غمرته السيول بالكامل وأغرقت كل من كان بداخله من البشر والسيارات حتى ارتفاع خمسة أمتار !!, واكتشفوا أنه لا توجد به قنوات تصريف تليق بالأمطار !!وهكذا يفعل المهندسون الخونة بأمتهم .
والطريق السريع الدائري بجدة , هذا الشارع المجاور لمنزلي لا يعرف الهدوء حتى قبل الفجر , تمر به يومياً عشرات الآلاف من السيارات محملة بمئات الآلاف من البشر والحجاج والمعتمرين, وهاهو اليوم قد تمزقت أوصاله, وقذف السيل عليه ألوف السيارات المحطمة , فصورها الهواة وهي مكومة فوق بعضها , حتى أنه وصلت طوابق السيارات أربع طوابق , كأنها في محل لتجميع قطع غيار السيارات التالفة, وزاد عددها عن ثلاثة آلاف سيارة في منظر مخيف ومروع , صورها هواة المصورين بأجهزتهم المتواضعة أو الدقيقة العالية الجودة , وهم يعلمون أن الخونة سينكرون القصة من أساسها لو لم توثق وتصور الكارثة , وسيقولون كعادتهم: حادث عرضي وهناك بعض المتضررين فقط ولا داعي للتهويل .
سقط سور الجامعة الموقرة , وهو يزيد عن مئات الأمتار, حيث أشرف على بنائه الدكاترة ( الذين يتبوؤن أعلى مناصب البلد ) على أرقى المواصفات, وأعلى الخبرات الهندسية بدون نفاق وسرقة , ووصل السيل للمباني الجامعية, وللسكن الجامعي بكامل عمارته حتى عاش أهلها في هلع شديد , وكل ذلك بقدرة الله الذي أرسل جزءاً من السيل إليهم.
وخرج الإعلام الرسمي ليقول كلمته صبيح اليوم الثاني من الحدث , حيث لم يشعر كتاب الزور والخيانة أن الله لهم بالمرصاد , وظنوا أن الحدث يمكن ترقيعه , وحسبوا أن الذين صوروا لن يجرؤا على نشر صور القتلى والخراب الهائل , فكتبوا التقرير التالي :
" جدة 8 ذو الحجة 1430ه الموافق 25 نوفمبر 2009 م واس
شهدت مدينة جدة منذ الصباح الباكر هطول أمطار غزيرة شملت جميع أحيائها ولا زالت مستمرة وخرج أهالي وسكان جدة لمشاهدة الأمطار بعد طول انقطاع واكتظت شوارع وطرقات المدينة بالسيارات خاصة وان هطول الأمطار تزامن مع عطلة عيد الأضحى المبارك .
ورصد مندوب وكالة الأنباء السعودية فرحة الأسر والأطفال بهطول هذه الأمطار التي لم تعتاد عليها المدينة منذ سنوات طويلة , وتوجه بعض أهالي سكان جدة إلى شواطيء الكورنيش والاستمتاع بهذه الأجواء المناخية الجميلة والرائعة والفرحة تملئ النفوس بان انعم الله عليهم بهذه النعمة المباركة .
وفي الوقت الذي أوشكت شبكات تصريف الأمطار في مدينة جدة على الانتهاء إلا أن بعض شوارع المدينة تجمعت فيها الأمطار وسببت بعض الاختناقات المرورية ولم يتذمر الأهالي لمعرفتهم أن شبكة التصريف لم تنتهي بعد .." انتهى التقرير
هكذا تكتب التقارير, وسيسألهم الله عن كل حرف فيها ....
لم يكن ليتحدث الإعلام الرسمي حتى نشر الناس صور الوقائع المأساوية , وتداولها على الإنترنت , فتناقلها الإعلام الغربي , وهنا تحرك الإعلام الرسمي تحت تأثير الضغط من الخارج عليه , لقد تعود الناس في العالم الإسلامي والعربي بالذات على مغالطة الحقائق , لكن ثورة الإنترنت قلبت الموازين المهنية , وحركت الماء الذي توقع أرباب الإعلام الفاسد أنهم نجحوا في تسكينه .
*******************
وفي لحظات الحدث وبعد خمسة أيام تقريباً يعيش الناس في هلع شديد أن علموا أن السدّ الكبير الذي يحجز بحراً هائلاً من مياه الفضلات وما يسمى بالصرف الصحي قد ينهار فيغرق الناس , يقع هذا السد الكبير شرق مدينة الجميلة , يحتل مسافة كبيرة من الأودية والجبال .
يفكر عشرات الناس بالهرب ويهربون فعلاً للقرى والمدن الأخرى , فمن يرضى أن يغرق في مياه القاذورات والنجاسات , وكيف سُيكتب تاريخ مشرق لأمة يغرق في بحيرة قاذوراتها الأطباء والمهندسون وأساتذة الجامعات وخبراء النفط !!.
لقد بنى الخونة السد بجوار المدينة وفي أعلاها , وحولوا مياه المنازل والقاذورات لتتجمع فيه , لقد نافس حجم الماء فيه حجم شرم ( أبحر ) وهو من أجمل شواطيء جدة , إنهم لم يجدوا خطيباً ينكر عليهم علناً , ولم يسمعوا أن مجموعة من العلماء اجتمعوا وأصدروا بياناً بتجريمهم وطلب محاكمتهم , وأصبحت الصحافة والإعلام بيد ضعفاء الكتبة فقد أخُرِس الناطقون بالحق , وسمحت الوزارات الكبرى من البلديات والتخطيط وغيرها ببناء الأحياء السكنية بالعشرات حتى قاربت الأحياء السد الكريه الرائحة , وذهب الناس هناك ليبنوا ويسكنوا .
فقد جاء الملايين لمدينة جدة يبحثون عن الرزق الحلال والسكن الهنيء بدلاً من حياة القرى المهمشة والمنسية في ركاب عجلة التطور , جاؤا ليعملوا في مصالح الحكومة , أو شركات التجار الجشعين الذين يلتهمون حقوقهم , جاؤا بأطفالهم ونسائهم , في أحياء السامر والأجواد والتوفيق والصفا وغيرها من الأحياء الكثيرة .
بنى لهم التجار مخططات هي في الأصل منح وهبت لهم أو لغيرهم , فأسكنوا فيها الناس لتتحرك عجلة التجارة في المدينة التجارية الضخمة , وبذلت الدولة أمولاً ضخمة للبنى لتحتية ولكنها سرقت في وضح النهار وليس في ظلمة الليل , والناس صامتون لأنه يهمهم البحث عن لقمة العيش .
هاهي سيارات الدفاع المدني تصيح بأعلى صوتها , تجوب الشوارع تطالب عشرات الألوف من الناس بسرعة الإخلاء لأن بحيرة السد قد فاضت , هاهم يخرجون حيارى بعد أن رأوا ما حدث بالأحياء المجاورة , تم إخلاء مستشفى الولادة بجدة , وتم إخلاء مستشفى العيون بجدة , القنوات تعلن تحذير بسرعة الإخلاء , والناس يخرجون لا حول لهم ولا قوة لا يدرون عن القدر وماذا سيحدث .
سيهربون لأقاربهم إن وجدوا قريباً في المدينة يبيتون عنده , أو يبيتون في العراء إن لم يجدوا أحداً , وسيخرج الإعلام ليقول: إن الأمور مطمئنة والأوضاع سليمة والآليات تعمل بكفاءة عالية , وعليكم العودة لأنّ مؤسسات وشركات الوطن تحتاج للعمال من أمثالكم وتحتاج للموظفين المطيعين فعودوا ولن يحدث شيء.
********************
جاء السيل في يوم التروية وفي صبيحة اليوم الذي صرح مدير الأمن العام وهو يتحدث عن مخاطر السيول أمام الإعلام بقوله : ( لا يوجد لدينا مفاجآت في الحج , وآلياتنا جاهزة لكل طارئ ) ليقول السيل لكل الخونة : ستكتب شهادتهم ويسألون.
ربما لو قدر أن تضرب مدينة جدة بعشرات القنابل , وعشرات الطائرات فلن يبلغ الوضع ما بلغ .
لقد نزل الجيش لكي يشارك في الإنقاذ , ولو تجمعت عشرة أضعاف رجال الدفاع المدني في المنطقة لما قدروا على إصلاح الفساد الكبير الذي خلفته السيول.
توسعت المدينة , وأصبح التجار يلهثون خلف مكاسب مالية ضخمة , نتيجة لبيع أراض بيضاء أقطعت لهم , وسرى الفساد الإداري وضرب بأطنابه , وتملك الأمراء والوجهاء ( بأمر الحكومة وتصديق شيوخ وقضاة المحاكم ) مجاري السيول وبطون الأودية الكبرى, وحازوا صكوك الإقطاع والمنح السلطانية البغيضة .
قاموا بتخطيطها بإشراف البلدية, وأجروا فيها بعض الطرق, وزينوها بأعمدة الكهرباء, وأجروا في أوصالها الماء , حتى غدت كعروس حسناء , ثم باعوها على الناس بثمن مرتفع , وقامت البلدية برشاوى الوجهاء وضغط الكبراء بتخطيط الأودية , وردمت المجاري القديمة , وبنى آلاف الناس في بطون الأودية وعلى الأنقاض المردومة بعناية ورعاية المساكن والمدارس والمساجد , وسكن هنا مئات الآلاف من البشر , وعاش الأثرياء في قصورهم خارج المملكة العظيمة , وسكن هنا مئات الألوف وجاءتهم الكارثة ...
هنا سيبكي الأطفال , وتسيل الدموع , وسيقف اليتيم حائراً ماذا يقول أمام التاريخ , كيف فقد أسرته الكاملة وبقي هو لوحده يقاسي الحرمان بقية دهره.
ستقف الأم الثكلى أمام ربها تسأله أن ينتصر لها من الذي كان السبب في إهلاك أطفالها أمام بصرها بين السيارات والأرصفة والدكاكين المكتظة بأنواع السلع .
ستبكي البنت الصغيرة أبد دهرها, وهي ترى والدها الحنون يضعها على رصيف مرتفع ثم ينطلق لينقذ بقية إخوتها فيجرفهم السيل جميعاً , وهي تصرخ ( بابا... بابا لا تتركني ) تصرخ بموشحها الحزين الباكي ليدوي صوتها في قلب المدينة الإسلامية العريقة بوابة الحرمين والنابضة ببهرج الحياة.
*********************
سيسمع الناس في مدينتي الجميلة كلمات بعض الوعاظ الجهلة بأن ما حصل هو بسبب ذنوب السكان والبشر القاطنين في تلك الأحياء , ( وهو حق لاشك فيه بأن ماحصل وسيحصل بسبب ذنوب الناس ) ولكنهم سيقتصرون على ذلك فقط ولا شيء غيره , محاولين السكوت بخوف وترقب عن أخطاء أو كار الفساد وعصابات الإجرام ومحترفي سرقة مال الأمة .
سيسجن الفقير في بلد البترول الأول في العالم لعدم تسديده أقساط سيارته أو فرن وغاز منزله , لكن سيحتفي الإعلام بالخونة وسيكونون هم المتحدثون عن الفضيلة والمشاريع الجميلة البراقة , سيتحدثون في عصر سكت فيه العلماء والمفكرون عن الخوض في الشأن العام تحت ضغط الواقع ورهبة الموقف .
سيسألنا الله تعالى , كل في محيط قريته ومدينته عن الشرور والفساد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
و إن من المنكرات العظيمة في عالمنا الإسلامي سرقة اللقمة من فم الفقير , وأدهى من ذلك المنكر تبرير العالم الشرعي والكاتب الأدبي سرقة تلك اللقمة للغني القوي , ثم إيجاد الأدلة ولوي أعناق النصوص لكي تساعد الظالم على جلد ظهور الفقراء والضعفاء .
إن من الذنوب الكبار ما نغطيه بذنوب أصغر منها, فنوهم الناس أننا واقعون في براثن الذنوب التي هي دونها , وننسى أن نبياً كريما وهو شعيبٌ عليه السلام كان ينادي في قومه بكل وضوح وصدق وإخلاص : ( ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) إنّ هذه الكلمات الخالدة جزء رئيسي من دعوة الأنبياء التي متى أهملنا جزءً منها كنا على خطر عظيم , ليس من الإيمان أن نكون مثل اليهود الذين قال الله عنهم : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) .
لقد رفع الأنبياء الظلم عن الفقراء , ولم يخلخلوا الأمن أو يطمعوا في السلطة , أو يريقوا الدماء وينهبوا البلدان , لقد عاشوا رحمة للعالمين , لم يدمروا الطرق ويحرقوا الأرض بحجة الإصلاح , ولكنهم مسحوا رأس اليتيم , وزجروا الظالم , وأقاموا الحقوق كما أراد الله وليس كما يريد البشر , فاخبرونا أنّ امرأة دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت , وأخبرونا أنّ الله غفر لزانية سقت كلباً رأته يلهث من شدة العطش .
فكيف بملايين العمال في العالم الإسلامي الذين لا يتقاضون رواتبهم إلا بالقطارة , وكيف بملايين الجوعى الذين لا يجدون من يتكلم عن همومهم ومشاكلهم , وكيف بالأطفال الذين لا يجدون من يأخذ بأيديهم للتعليم الجيد الذي ينفعه وينفع مجتمعه , وكيف بالنساء الفقيرات اللواتي يتسولن أبواب الجمعيات الخيرية ونحن نقذف بأموالنا الرسمية لدعايات القنوات وسهرات الفنادق واللجان الوهمية.
إن دور العلماء أكبر من موعظة ودرس عابر, ودور الكتاب والمثقفين أكبر من مجلس أدبي ساهر أو إصدار كتاب أو دراسة نصوص حديثة شعرية وأدبية , وأما يكون بعض العلماء والشيوخ مستشارين لكبار الشركات الإقطاعية التي تمص جيبو الفقراء , ويتحول بعض الشيوخ أو العقلاء إلى محامين لكبار المجرمين , ويصبح عدد من الخطباء وكتاب الصحافة منافقين مأجورين , فهذا وضع لا يرضي ربنا سبحانه وتعالى , وهذا من الذنوب العظيمة التي يجب إنكارها .
اللهم ارحم الأموات و اغفر لهم وأبدلهم أهلاً وداراً خيراً من دارهم وأهلهم .
اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك .
اللهم قيض لنا من أمرنا رشداً , وكن معيناً للأيتام والأرامل والمساكين والفقراء يا رب العالمين .
اللهم أحفظ مدينتي الحبيبة بوابة الحرمين وثغر الإسلام من شر الأشرار وكيد الفجار .
خضر بن صالح بن سند
مدينة جدة حرسها الله
ذو الحجة 1430
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=195818

 

 
























التوقيع

،



..



   

رد مع اقتباس
قديم 12-03-2009, 08:25 AM   رقم المشاركة : 2

 

الدكتور الفاضل / tarafen ..

مقال مكتوب بدمع الألم والحسرة ..

أشكرك جزيل الشكر على نقله وحسن الاختيار ..



اُبتلينا في الأشهر القليلة الماضية بعدّة كوارث /

هزّات أرضيّة ، ثمّ حرب الحدّ الجنوبي ،

ثمّ سوء تخطيط وفساد

نجم عنه تجوّل السيل على الطرقات المأهولة بالسكّان ، وتدمير كلّ ما بطريقه ..


اللهم ارحمنا وألطف بنا ولا تؤاخذنا بذنوبنا ..

-----------

اقتباس:
سقط سور الجامعة الموقرة , وهو يزيد عن مئات الأمتار, حيث أشرف على بنائه الدكاترة ( الذين يتبوؤن أعلى مناصب البلد ) على أرقى المواصفات, وأعلى الخبرات الهندسية بدون نفاق وسرقة , ووصل السيل للمباني الجامعية, وللسكن الجامعي بكامل عمارته حتى عاش أهلها في هلع شديد , وكل ذلك بقدرة الله الذي أرسل جزءاً من السيل إليهم.


لا أعتقد أنّ هناك ذنب لمنسوبيّ الجامعة ،

واسمح لي أخي الكريم أن أضيف تقريراً مرئيًّا يشرح سبب الحادثة بشكل مبسّط ومفصّل ..

لماذا تغرق مدينة جدة ؟!
تحليل وعمل / سامي سعيد الشهراني ..


ملاحظة : يوجد بالمقطع موسيقى ..






أخيراً / أتمنّى لك التوفيق والسداد ،

ودمت والجميع في حفظ الله ورعايته ..

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 12-03-2009, 05:22 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو نشط
 
إحصائية العضو










srab غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
srab is on a distinguished road


 


الشكر لله أولاً ثم لناقل المقال
مع توجيه شكر خاص للأخ / أنس العبادي
على إيراد هذا التقرير الرائع .

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 12-03-2009, 09:44 PM   رقم المشاركة : 4

 

أنس العبادي

جزاك الله خيراً

وشكراً لك على الإضافة المميزة

محبكم

 

 
























التوقيع

،



..



   

رد مع اقتباس
قديم 12-03-2009, 09:47 PM   رقم المشاركة : 5

 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة srab مشاهدة المشاركة

الشكر لله أولاً ثم لناقل المقال
مع توجيه شكر خاص للأخ / أنس العبادي
على إيراد هذا التقرير الرائع .

جزاك الله خيرًا

 

 
























التوقيع

،



..



   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:20 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir